نذ انطلاق طلائع الاكتشافات الجغرافية والاجتياح الأوروبي الإمبريالي للعالم، قبل 5 قرون، شهدت البشرية ظاهرة الاستيطان الكولونيالي الإحلالي التي تعني: احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب واستبدال ثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ، وكل عنصر من هذه العناصر إبادة قائمة بذاتها. وكان ذلك أحد معالم خروج أوروبا إلى العالم باعتباره مجالا مفتوحا للتمدد والهيمنة والاستيطان والإبادة برؤية
نذ انطلاق طلائع الاكتشافات الجغرافية والاجتياح الأوروبي الإمبريالي للعالم، قبل 5 قرون، شهدت البشرية ظاهرة الاستيطان الكولونيالي الإحلالي التي تعني: احتلال أرض الغير، واستبدال شعب بشعب واستبدال ثقافة بثقافة وتاريخ بتاريخ، وكل عنصر من هذه العناصر إبادة قائمة بذاتها.
وكان ذلك أحد معالم خروج أوروبا إلى العالم باعتباره مجالا مفتوحا للتمدد والهيمنة والاستيطان والإبادة برؤية كونية ومعرفية إمبريالية تفترس العالم، وتنزع القداسة عن الإنسان والطبيعة، وتختزل العالم فتلغي الخصوصيات والثقافات والحضارات الأخرى، وتبلغ ذروتها في مفاهيم العنصرية وتفوق العرق الأبيض والداروينية الاجتماعية والترشيد العلماني المتوحش في علاقته بالإنسان والطبيعة.
في البدء كان الاستيطان!
اتخذ الصعود الأوروبي من “الاكتشافات الجغرافية”، ومبدأ الحرب العادلة، وعبء الرجل الأبيض (الحضاري)، تكئة لشرعنة الغزو والاحتلال ومبررا لاحتلال قارات العالم وإبادة سكانها، وإقامة كيانات استيطانية أوروبية فيما وراء البحار، وتقاسمت الإمبرياليات قارات العالم.
وتم شحن عشرات الملايين من الأفارقة المختطفين من غرب أفريقيا واستعبادهم بمزارع التبغ والقطن وقصب السكر في الجنوب الأميركي وجزر البحر الكاريبي ومثلهم من الهند وجزر الهند الشرقية إلى جنوب أفريقيا وإقليم الأنديز بأميركا الجنوبية وتسخير الملايين من سكان أميركا الوسطى والجنوبية الأصليين، حتى الموت، بمناجم الذهب والفضة وسرقة كنوز ممالك الآزتيك والمايا، ومن ثَمّ نزح كل هذه الثروات إلى حواضر المتروبوليتان الأوروبي.
في هذه المرحلة الإمبريالية الميركانتيلية (التجارية)، تراكمت لدى الأوروبيين ثروات هائلة نتج عنها ثورة صناعية ومنظومة رأسمالية تستبطن نموج الصراع والنفي في الحداثة الأوروبية وما انطوت عليه من شره واحتكار وتغول واستغلال وظلم اجتماعي وأزمات مزمنة. وقامت بموازاتها منظومة سياسية وتشريعية ودستورية لاستدامة وخدمة المشروع الإمبريالي الرأسمالي بما في ذلك: الديمقراطية التمثيلية في الداخل ودبلوماسية البوارج الحربية في الخارج. وهكذا اكتملت ركائز المشروع الغربي: الإمبريالية والرأسمالية والفاشية.
قامت إذن مشروعات استيطانية كبرى بالقرون الماضية في الأميركتين وأستراليا ونيوزيلندا وأفريقيا. وارتبط نجاحها وتضخمها بالقضاء على جماعات السكان الأصليين، بالحصار والاستغلال والإبادة والمسخ الثقافي. وقد تشكّل النظام العالمي في القرون الخمسة الماضية حول مشروعات الاستعمار والاستيطان واحتكار الأسواق والموارد الطبيعية واجتياح العالم ونهبه واستباحته حتى يوم الناس هذا.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *